بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
مهمة الأنبياء في الأرض:
1- دورهم في توعية البشر بأن عرفوا الناس بربهم:
وصلنا في الدرس الماضي في موضوع الإيمان بالرسل إلى الحاجة إلى الرسل، وكون مهمتهم لا تتحقق بغيرهم الذي تعرفونه أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
(سورة الذاريات الآية: 56 )
يعني علة الخلق أن نعبده, سبب وجودنا على هذه البسيطة أن نعبده, والعبادة لا تكون إلا بعد أن نعرفه, وإذا عبدناه سعدنا به في الدنيا والآخرة, وقد قلت لكم في درس سابق: إن العبادة في أدق تعريفاتها: طاعة طوعيه تسبقها معرفة يقينية، وتفضي إلى سعادة أبدية, فمن أجل أن نعرفه جاء الأنبياء ليلفتوا نظر البشر إلى ربهم, ليّعرفوا الناس بخالقهم ليبصروهم بحقيقة وجودهم, فكيف نعرفه من دون دليل؟ وهل يقوم تعليم من دون معلم؟ وهل تنشأ مدرسة من دون أساتذة؟ فمن أجل أن نعرفه لابد لنا من معلمين, والمعلمون هم الأنبياء هؤلاء عرّفونا بربنا, ذكرونا بآياته التي بثها في السموات الأرض, عرفونا بمهمتنا, بينّوا لنا ما نحن فيه، وإلى أين المصير, فهؤلاء الأنبياء بمثابة المعلمين في المدارس، لا تقوم المدرسة إلا على أكتاف المعلمين لا البناء له قيمة, ولا المقاعد لها قيمة، ولا السبورة لها قيمة، ولا المكتبة لها قيمة، ولا أي موظف آخر له قيمة إن لم يكن في هذه المدرسة المعلم, أساس المدرسة المعلم.
فلذلك: مهمة النبي في قومه، مهمة إرشادية تعليمية, فالناس بحاجة ماسّة إلى معلم, لابد من أن نعرفه حتى نعبده, كيف نعرفه؟ كان الأنبياء والرسل، والدعاة والعلماء من بعدهم مصابيح للناس, العلماء مهمتهم تبعية: هم نواب عن الأنبياء في تبليغ الناس الحق, فالأصل هم الأنبياء هم المعلمون الذين أوكل الله إليهم تعليم الناس.
2- معرفة أوامر الله ونواهيه تكون بوساطة الأنبياء:
لو أنّ أحداً قال لك: أنا مستعد لطاعة الله عزّ وجل، أين أمره؟ هل كنّا نعرف أمره, لولا النبي عليه الصلاة والسلام؟ الأنبياء لهم دور آخر بينوا أوامر الله, إذا كانت علة الخلق أن نعرفه فنعبده فنسعد بقربه, فالأنبياء عرفونا بربنا أولاً، وبينوا أوامره ونواهيه ثانياً, جاء الأنبياء بالأوامر والنواهي بمنهج قوامه افعل ولا تفعل, هذا المنهج هو العبادة، في كل علاقاتك، في بيتك، في طعامك، في شرابك، في نومك، في قضاء حاجتك، في علاقتك بزوجتك, في علاقتك بأولادك، في علاقتك بجيران